يوفنتوس- أزمة هوية، خلافات مدرب ولاعبين، وقرارات مصيرية غائبة.

المؤلف: سلطان الشمري (الكويت) SULTANO_91@10.14.2025
يوفنتوس- أزمة هوية، خلافات مدرب ولاعبين، وقرارات مصيرية غائبة.

يمر نادي يوفنتوس بأوقات عصيبة للغاية، خاصة منذ الموسم المنصرم، وبالأخص مع عودة المدرب الإيطالي ماسيميليانو أليغري، الذي لم يفلح حتى الآن في إرساء هوية فنية وتكتيكية واضحة للفريق، بل وصل الأمر إلى عجزه عن قيادة غرفة تبديل الملابس بكفاءة.

إلا أن الإشكالية لا تقتصر على ذلك، بل تتعداها إلى معضلة أكبر يتحمل وزرها رئيس النادي، أندريا أنييلي، الذي يبدو عاجزًا عن إيجاد حلول ناجعة قد تُحدث تغييرًا جذريًا في مسيرة يوفنتوس الذي يمر بظروف عصيبة، على الرغم من عدم تلقيه أي هزيمة حتى الآن في الدوري، إلا أنه يحتل المركز الثامن بعد خوض 6 مباريات، حقق الفوز في اثنتين وتعادل في أربع، ليجمع 10 نقاط.

خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة، أنفق يوفنتوس مبلغًا طائلًا قدره 102 مليون يورو، وشمل ذلك تفعيل خيار شراء الجناح الإيطالي فيديريكو كييزا من فيورنتينا مقابل 40 مليون يورو، بالإضافة إلى شراء اللاعب الإيطالي الشاب أندريا كامبياسو من جنوى بمبلغ 8.5 مليون يورو، إلا أنه تمت إعارته إلى نادي بولونيا الإيطالي في الوقت ذاته، ولا ننسى التعاقد مع الفرنسي بول بوغبا والأرجنتيني أنخيل دي ماريا في صفقات انتقال حر، ولكن برواتب باهظة. في المقابل، حقق النادي أرباحًا متواضعة بلغت 3.75 مليون يورو، وذلك نتيجة لصفقات بيع لاعبين بمقابل 106.15 مليون يورو، ومن بينها صفقة بيع المدافع الهولندي ماتياس دي ليخت إلى بايرن ميونخ مقابل 67 مليون يورو.

قد يبدو العمل المالي جيدًا، والصفقات واعدة من حيث الإضافات الفنية، ولكن في الوقت ذاته، تتضح جليًا أن المشكلة أعمق من مجرد سوق انتقالات، فالمشاكل عديدة على الصعيد الفني، حيث يبدو أليغري غير قادر على فرض أسلوبه، وغالبًا ما يدخل المباريات وهو ليس الطرف الأفضل، لدرجة أنه لم يتمكن من الظهور بمستوى ممتاز أمام فرق متواضعة مثل سامبدوريا وساليرنيتانا، وهي فرق كانت تكافح للنجاة من الهبوط في الموسم الماضي ومستوياتها الفنية متدنية.

بلغت المشكلة ذروتها بوجود تناقضات حادة بين المدرب واللاعبين، حتى في تحليل المباريات والأداء الفني عقب كل تعثر، فبعد مباراة ساليرنيتانا، وفي المؤتمر الصحفي، وعندما سُئل أليغري عن سوء أداء يوفنتوس في الشوط الأول، أجاب بتهكم: "هل شاهدت المباراة؟".

في المقابل، نجد القائد ليوناردو بونوتشي يُناقض هذا التصريح قائلًا: "لن نذهب بعيدًا إذا لعبنا المباريات كما لعبنا في الشوط الأول".

تكرر هذا السيناريو المؤلم بعد الكارثة الأوروبية في بطولة دوري أبطال أوروبا على ملعب يوفنتوس أمام بنفيكا البرتغالي، في المباراة التي انتهت بفوز الأخير بنتيجة 1-2، مع تفوق فني واضح واستحقاق تام للنادي البرتغالي الذي تفوق بشكل ملحوظ على بطل إيطاليا السابق، حيث أطلق أليغري تصريحات انهزامية بشكل مقلق، قائلًا: "بكل تأكيد، ما زلت مسيطرًا على هذه المجموعة، ولا تنسوا أن لدي العديد من الغيابات، ولكن كان بإمكان بنفيكا تسجيل الهدف الثالث والرابع، بينما كان بإمكاننا تسجيل هدف التعادل، ولكن أداءنا كان أقل من المتوقع، وعلى أي حال، سيكون من الصعب علينا التأهل إلى الدور الثاني".

المهاجم البولندي أركاديوش ميليك، صاحب هدف يوفنتوس الوحيد ضد بنفيكا، أدلى بتصريحات مزعجة للغاية، حيث قال: "لا يمكنك أن تلعب المباريات لمدة 30 دقيقة ثم تتوقف، نحن نفتقد شيئًا ما.. علينا أن نتحمل المسؤولية، ولكن من المستحيل أن نتعرض للإرهاق بعد 20 دقيقة من المباراة".

باتت الأجواء مشحونة للغاية في غرفة تبديل الملابس وفي المركز التدريبي كونتيناسا الخاص بالنادي، فمنذ خسارة مباراة بنفيكا، تسود أجواء غير صحية، وتنتشر أخبار كثيرة في إيطاليا حول إمكانية إقالة أليغري، بينما تشير أقاويل أخرى إلى أن الرئيس أنييلي لا يرغب في التخلي عن رهانه الأكبر وهو الإبقاء على المدرب، وتدور أحاديث حول مدربين يتم التفكير في الاستعانة بهم، مثل الفرنسي زين الدين زيدان، والألماني توماس توخيل، والأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو، والإيطالي روبيرتو دي زيربي.

لكن في الوقت نفسه، يمتد عقد أليغري حتى عام 2025 براتب سنوي قدره 7 ملايين يورو، ومع احتساب الضرائب يصل إلى 12.95 مليون يورو، بتكاليف إجمالية تبلغ 38.8 مليون يورو حتى نهاية عقده، لذا، قد يكون قرار التخلي عن أليغري فنيًا قرارًا يسيرًا، ولكنه ليس كذلك على الصعيد المالي، ولهذا السبب نجد الرئيس أنييلي يدافع عن مدربه، لأن المسألة الأهم هي مسألة مالية.

ولكن يجب التأكيد على أن يوفنتوس بحاجة إلى قرار جريء وقوي للغاية يجب اتخاذه، لأن الفريق يمر بمشاكل جمة، ومن الواضح أنه لا يوجد توافق بين المدرب واللاعبين في كل شيء، فالفريق الذي ينهار بعد 20-30 دقيقة من المباراة يثير الكثير من علامات الاستفهام، وتشير الأخبار إلى وجود مشاكل في الطاقم الفني والبدني، وأنه سيتم العمل على تغيير الطاقم بأكمله.

ولكن حتى لو تم تغيير هذا الطاقم، فهل هذه هي المشكلة الحقيقية والوحيدة؟ من الواضح أن الصورة ليست كذلك.. بل تكمن المشكلة أيضًا في أليغري، وفي عدم قدرة أنييلي على إدارة الأمور بشكل جيد والتدخل في الوقت المناسب، فمن الواضح أن المشكلة إدارية تنفيذية بين أنييلي، وأريفابيني، ونيدفيد، وكذلك فنية من قبل المدرب أليغري.

مشاكل يوفنتوس كثيرة ومتشعبة ولا يمكن حصرها في جانب واحد أو حتى في جانبين، فالنادي بحاجة إلى قرارات شجاعة، وقرارات مصيرية لإعادة بناء وتأهيل الفريق بعد سنوات طوال من الهيمنة محليًا، وبكل تأكيد، يحتاج النادي إلى مسؤولين يشعرون بالخوف على مستقبل الفريق وبالتالي يتخذون قرارات مصيرية مهما كانت عواقبها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة